غزة والطبيب العراقي الإنسان محمد الطاهر

علاء كرم الله

عد انتهاء الحرب في غزة  ( 6 أكتوبر/2032 15/1/2025) وسريان مفعول وقف أطلاق النار ، أنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فديو لفلسطينيين من أهالي غزة وهم يحملون طبيب عراقي على الأكتاف ويهتفون باسم العراق بفرح كبير!قبل معرفة قصة هذا الطبيب نقول ، شي طبيعي أن نسمع بشخص أو وفود تمثل بلدانها في المحافل والمسابقات الرياضية والفنية والأدبية والسينمائية والمسرحية والثقافية وما الى ذلك ، ولكن أن تسمع أن طبيبا يتطوع للمشاركة في معركة ، فرصة النجاة فيها تكاد تكون مستحيلة! وهي معركة غزةفمن يدخلها مفقود ومن يخرج منها مولود ، فتلك مسألة تحتاج الى توقف! ، وهذا ما سنعرفه عن الطبيب العراقيالذي تقول قصة تطوعه ، أنه في لجة الحرب الشرسة على غزة ، وصل المدينة وفد طبي تابع لمؤوسسة ( فجر سينيفتيك  الأمريكية) ، لتقديم العلاج وأسعاف المصابين ، وكان من بين الوفد طبيب عراقي  أسمه ( محمد الطاهر) ، وبعد أن أكمل الوفد فترة مشاركته وتقديم ما أمكن تقديمه للمصابين من علاج لمدة أسبوعين ، رفض هذا الطبيب الأنسان العودة مع الوفد وأصر على البقاء في المدينةوعلى مسؤوليته الشخصية تاركا أهله وعائلته في بريطانيا ومضحيا بروحه من أجل أنقاذ الجرحى والمصابين ، بعد أن رأى حجم المأساة التي يتعرض لها أهل هذه المدينة من موت محقق وخاصة النساء والأطفال! ، ورغم معرفته بأنه سيتعرض للموت في أية لحظة كغيره الكثير من الأطباء الذين أستشهدوا وهم داخل المستشفى! ، فالقوات الصهيونية كانت تستهدف المستشفيات والطواقم الطبيةوالممرضين وسيارات الأسعاف وحتى حاملي السديات!. ولا بد من أن نذكر هنا نبذة عن هذا الطبيب العراقي الأنسان هو (( محمد طاهر كامل طاهر أبو رغيف الموسوي ، من مواليد الثمانينات ، ولد في مدينة ويلز البريطانية وهو من عائلة عراقية نجفية ، يعمل في المؤوسسات الطبية البريطانية ، بصفة أستشاري حيث أنه حاصل على شهادةتخصص في جراحة الصدمات والأطراف العلوية والأعصاب الطرفية)) ، وأستطاع خلال فترة تطوعه بالعمل في غزة من أجراء 300 عملية جراحية معقدة، وعالج أكثر من 1300 مصاب وهو يتنقل بين المستشفيات في جنوب غزة وشمالها ، وقد أستطاع هذا الطبيب الأنسان الجهبذ أن  يعيد يد طفلة بترت أثناء القصف الصهيوني! ، في ظروف غير طبيعية لا تسمح بخياطة جرح بسيط ، ولهذا أطلقوا عليه أهالي غزة بالطبيب المعجزة! ، فأي طبيب هذا وأي انسان يحمل في داخله وأية مباديء وقيم . لقد كان وجوده في هذه الحرب المقدسة خير تمثيل للعراق لاسيما وهو يطرز على صدريته الطبية  صورة العلم العراقي! ،ماقام به الطبيب الأنسان (محمد الطاهر)، يعد من الأعمال الأنسانية والبطولية الكبيرة حيث تعجز كلمات الشكر والتقدير بالتعبيرعن أمتنانها له ، وتسقط أمام موقفه وشجاعته وأنسانيته وتفانيه كل أوسمة ونياشين البطولة .المؤلم في الموضوع أن الأعلام العراقي كان غائبا تماما عنه بقصد أو بدون قصد الله أعلم! ، فلم تحاول أية فضائية عراقية تسليط الضوء على ما قام به من تضحية وعمل أنساني! ، عكس الفضائيات العربية التي حرصت أن تجري معه أكثر من لقاء بعد أنتهاء المعركة ، حتى أنهاكانت تصوره وهو يعمل داخل المستشفى أثناء المعركة!! ، فهذا الطبيب تطوع من أجل الأنسانية والرحمة التي فقدها العالم ، لا من أجل التباهي والدعاية لنفسه! ، وكان مشهد الفلسطينيين وهم يحملونه على الأكتاف ويهتفون باسم العراق ، أكبر وأصدق من خطابات غالبية الزعامات العربية وأحزابها ، والتي لا تعدوا كونها ظاهرة صوتية للأستهلاكالأعلامي كما هو معروف منذ عقود وعقود! ، ولربما صحيفة البينة الجديدة ، هي الصحيفة والوسيلة الأعلامية الوحيدة التي نشرت خبرا بسيطا عنه ، بعددها 4509 الصادر يوم الأحد الموافق 19/1/2025 . ونسأل هنا أين سفير العراق في فلسطين؟ لماذا لم يكون بأستقبال المنظمة التي يعمل بها الطبيب محمد الطاهر؟ بالوقت الذي أستقبلهم  رئيسالسلطة الفلسطينية محمود عباس! ، وأين سفير العراق في بريطانيا؟ لماذا لم يرسل في طلبه ويقدم له الشكر والتقدير لأنه رفع أسم العراق عاليا ، بالوقت الذي يعمل الفاسدون والسراق الى ألحاق الخزي والعار بسمعة العراق!؟ ، ثم هل يعقل أن وزير الصحة العراقي لم يسمع بما قام به هذا الطبيب الأنسان؟ وأين رئيس الحكومة منه؟ ، بل أين الأحزاب السياسية التي صدعت رؤوسنا بالدفاع عن فلسطين وتريد الدخول للمعركة في غزة!؟ ، ألا ترون في ذلك قصورا واضحا منكم لعدم الألتفاتة الى هذا الموقف البطولي والأنساني الذي قام به الطبيب الأنسان (محمد الطاهر). أخيرا نقول : من السهل أن تجد ألف طبيب ، ولكن من الصعب أن تجد أنسانا واحدا بينهم! أليس كذلك يا أطبائنا؟ ، حفظ الله أسم العراق عاليا ، وبارك بكل من يعمل بشرف وجد ونزاهة وأخلاص من أجل وطنه وشعبه.

زر الذهاب إلى الأعلى